الجلسة الأولى: مفهوم الكوتشينج القيادية
يمكن استخدام الكوتشينج في العديد من مجالات الحياة؛ ويشمل الكوتشينج على الحياة، والتدريب الرياضي، والتدريب الصحي، والتدريب المالي، والتدريب المهني، إضافة إلى الاهتمام والتركيز على القيادات. وعليه، فإن هذه الدورة ستركز على الكوتشينج القيادية.
من منظور القيادة والإدارة، يمكن التعامل مع الكوتشينج على أنه نشاط منفصل، أو أسلوب إدارة. بمعنى آخر، يمكن أن يتم ذلك في جلسات كوتشينج مخصصة، أو يمكن دمجها في الإدارة اليومية لفريق العمل.
في كلتا الحالتين، الهدف هو تشجيع الأشخاص على حل المشكلات بأنفسهم، بدلاً من إحالتها إلى مدرائهم. في الواقع، يميل القادة الذين يقومون بالكوتشينج إلى التركيز بشكل كبير على تطوير مرؤوسيهم (الأشخاص الذين يقدمون تقاريرهم إليهم)، وعلى خلق بيئة يمكن للموظفين من خلالها الأداء بشكل مستقل قدر الإمكان.
إذن كيف يمكن تعريف الكوتشينج؟
——————————————————————————————————————————————————————————————–
لا يوجد تعريف ثابت عالمياً للكوتشينج، ولكن إذا نظرت إلى التعريف المستخدم من قبل Association for Coaching (AC)))، فإنه ينص على أن الكوتشينج هو:
“عملية منهجية، تعاونية، تركز على الحل، وموجهة نحو النتائج، إذ يكون الكوتشج ميسراً، يعمل عل تعزيز أداء العمل، والخبرة الحياتية، والتعلم الموجه ذاتياً، ورفع مستوى المستفيد”. (Association for Coaching 2005).
يدعم هذا التعريف الهدف الرئيس من الكوتشينج، والمتمثل في الرغبة في أن يكون الكوتشج ملهماً ومتميزاً، يدعم كل من الأفراد والمنظمات.
للحصول على تعريف أكثر إيجازاً، فالكوتشينج هو:
إطلاق العنان لإمكانيات الشخص، لتحقيق أقصى قدر من الأداء. إنه يساعدهم (المستفيدين) على التعلم، بدلاً من تعليمهم. “فن تسيير أداء وتعلم وتطوير الآخرين”.
من وجهة نظر هذين التعريفين، تتشكل الأسس التي تجعل الإدارة العليا في المنظمات، تنفق عن طيب خاطر، الوقت والمال، بهدف تعظيم مساهمة وإنتاجية موظفيها.
(إريك بارسلو)، مؤلف كتاب (المدير ككوتشينج وموجه) وهو مؤسس مدرسة أكسفورد للتدريب والتوجيه، يأخذ تعريف الكوتشينج إلى أبعد من ذلك، من خلال تحديد صفات الكوتشينج الناجح:
[الكوتشينج هو] عملية تمكن من حدوث التعلم والتطوير، وبالتالي تحسين الأداء.
“لكي تكون كوتشجاً ناجحاً، يتطلب الأمر معرفةٍ وفهم للعملية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الأساليب والمهارات، والتقنيات المناسبة للسياق الذي يتم فيه الكوتشينج”. (Parsloe 1999)
مجموعة عمل:
من وجهة نظر كل مجموعة، ما هو الموضوع المشترك لجميع هذه التعريفات؟
———————————————————————————————————————————————
تركز التعريفات السالفة على الفرد، وكيفية تحسين مهاراته ومعرفته، وتساعده على الأداء بشكل أكثر كفاءة. هذا الجانب من “تحسين المهارات”، هو مفتاح الكوتشينج، لأن تعلم مهارة جديدة، له هدف محدد، ويحدث خلال فترة زمنية معينة.
النتائج النهائية للكوتشينج القيادية تفيد المنظمات، لأنها تحسن من سرعة اتخاذ القرار، إذ تتخلص القيادة من ضغوط الأنشطة اليومية الروتينية، ويتاح لها العمل على الأنشطة ذات المستوى الأعلى، وتزيد الرضا الوظيفي بين أعضاء الفريق. في حين أن كل هذه الأمور مرغوبة بشكل واضح، إلا أن الكوتشينج له تكاليف مرتبطة بها يجب تبريرها.
بالنسبة إلى المؤسسات التجارية، فإن السؤال، هو ما إذا كان من الممكن تبرير هذه التكلفة، من ناحية تحسين القيمة الربحية. أما في حالة المنظمات غير الهادفة للربح، فإن السؤال هو ما إذا كان من الممكن تبرير التكلفة من ناحية تحسين الخدمة، أو ما إذا كان من الأفضل إنفاق الوقت والجهد في أمور أخرى…!
ستعتمد الإجابة على هذه الأسئلة على العديد من الأمور، ولكن الحقيقة هي أن المنظمات التجارية أصبحت تنتقل من عصر تكمن فيه القيمة في المصانع والآلات، إلى عصر تتواجد فيه بشكل متزايد الأفكار والمعرفة ورضا العملاء.
وبالمثل، لم يعد بإمكان العديد من المنظمات غير الربحية، اعتبار تمويلها أمراً مفروغاً منه. إذ تبحث الحكومات، والمساهمون الماليون، بشكل متزايد عن القيمة مقابل المال، وعن المزيد من العمل باستخدام موارد أقل. نتيجة لذلك، تبحث المنظمات عن طرق لجعل مواردها الحالية أكثر إنتاجية، ويُنظر إلى الكوتشينج على أنه إحدى الطرق التي يمكنهم من خلالها تحقيق ذلك.
بصفتك قائداً، فأنت تحتاج إلى التأكد من أن مهارات الكوتشينج، تزيد الفوائد التي تجلبها من خلال إنتاجية فريقك. يتمثل دورك في أن تُظهر للرؤساء كافة، الفوائد التي تم الحصول عليها من خلال جلسات الكوتشينج مع أعضاء فريقك، بأنها تفوق بشكل كبير التكاليف من حيث الوقت والجهد اللذين تحتاج إلى بذلهما. يعتمد يسر وسهولة مثل هذه المهمة على عدد الأشخاص الذين تعمل معهم، ومدى احتياجاتهم من الكوتشينج.
يمكن أن يؤدي الكوتشينج إلى تحسين الإنتاجية، ورفع الروح المعنوية، وزيادة الرضا الوظيفي، وجعل أعضاء الفريق أقل اعتماداً على القادة لحل مشاكلهم. على الرغم من أنك قد تكون قادراً على التعامل مع كل فرد في فريقك، الذي يستغرق 15 دقيقة من وقتك كل يوم، إلا أن هذا الأمر مستدام فقط مع فريق صغير نسبياً. يمكن أن يساعدك الكوتشينج على التخلي عن جزء “الأداء” من الوظيفة، والتركيز على جزء “الإدارة”.
سيمنحك هذا مزيداً من الوقت للقيادة والإدارة بشكل استراتيجي، بدلاً من الانغماس في المهام التشغيلية اليومية، وهو أمر ضروري إذا كنت ترغب في الترقية إلى الإدارة العليا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لآثار الكوتشينج أن تجعل عملك أقل إرهاقاً، لأن فريقك يصبح أقل اعتماداً عليك، ويصبح هذا الأمر أكثر أهمية، كلما تقدمت في حياتك المهنية الإدارية، وزاد عدد المرؤوسين لديك.
النقـاط الرئيسـة:
ü يمكن التعامل مع الكوتشينج على أنه نشاط منفصل، أو كأسلوب إدارة.
ü يخلق المديرون والقادة الذين يقومون بالكوتشينج، بيئة تمكن للأفراد قدراً من الأداء بشكل مستقل.
ü يفيد الكوتشينج المنظمات، لأنه يحسن سرعة اتخاذ القرار، ويحرر وقت الإدارة للأنشطة ذات المستوى الأعلى، ويزيد الرضا الوظيفي بين أعضاء الفريق.
ü سيمنح الكوتشينج الناجح، مزيداً من الوقت للإدارة بشكل استراتيجي، بدلاً من الانغماس في المهام التشغيلية اليومية.